الأربعاء، نوفمبر 11، 2009

ترانزيت (أقصوصة)


اليوم ليس باليوم العادى
اليوم ستلقاه بعد طول غياب
وقفت تنظر فى المرآة وقد تراكمت سنوات العمر على وجهها
وسائر أنحاء الجسد
ولكن ربما لايزال بعينيها بعض البريق ولازالت ضحكتها تحمل نفس صفاء الماضى السحيق
فى الطريق أشترت عطرا كان يوما يفضله حين كانت تعبق عالمه
وعقدا أزرق ليلائم ثوبها ويعكس لون عينيه
جلست فى أنتظاره
مرت ساعة من الترقب
وساعة من اللهفة
ودقات قلبها تتسارع لاتصدق أنها تجلس هنا
بعد أن باعدت بينهما السنوات والمسافات وكل سبل الحياة فى خطوط متوازية
زقزقت الامنيات بداخل قلبها الصغير الذى يتوق لقليلا من الفرح
ترغب بأن يطوقها بداخله بين الضلوع فتبكى حتى تنسحب المرارة من روحها
تدرك أنه لا بد وأنه سيفهم ولابد وأنه يعلم
وجعلت تحلم بأنه ولابد سيفاجئها سيأتى متسللا ليهمس لها " كم اشتقت اليك"
"كم أفتقدك"
ترى ماذا سيحضر لها؟؟
صخب المكان يثير أعصابها تكاد تجزم أن الجميع يعلمون أنها فى أنتظاره
وتتخيل نظرة أستخفاف وأستهزاء هنا وهناك
وأخيرا لمحته قادما من بعيد
بداخلها رغبة مجنونة بأن تلقى بعقلها فى كف يده الممدودة اليها
أن تتوسل اليه أن يحمل خيالها الرابض وراء أسوار الحنين ليمتزج بحقيقة وجوده أمامها
قال لها فجأة أنه يرغب فى فنجان من القهوة لانه مفلس
أحساس بالتعب يتسلل اليها فجأة
يجلس أمامها يرتشف قهوته يحكى ويحكى تبحث فى عينيه عن ومضة عن بريق
كم تاقت لان ترى نفسها فى عيونه ولكن أين هى الان بل أين كانت؟؟
ساعته ملقاة على المائدة فوق أوراقه تلمسها لتنطقها بأن تلمس أنامله المشغولة عنها بسيجارة
لازال بعض الخيال يداعبها
هل أنت حبيبى – بل هل أنا الحبيبة؟؟
ربما سيتوقف الان ربما سيسأل الان عن أى شىء عن الاشياء التى تاهت وضاعت فى زمن ما فى أنتظار ظله
نظرت اليه أنه كما هو لم يتغير لم تحفر سنوات العمر شبابه لازال نفس الشاب
أما هى سيدة عجوز هرمت مع عوامل الزمن ودهستها عجلة النسيان
وقفت لترحل قبل أن يقتلها الاحباط ومطارق الصداع
رحلت مسرعة لبيتها الصغير وقوقعتها
أنتظرت ربما سيطمئن عليها ربما سيرسل لها رسالة
ولكن أطفئت الانوار
وأختبت تحت الغطاء فلم تكن تلك اللحظة سوى ترانزيت
بين الحقيقة والخيال وأختارت أن يبقى فى خيالها عمرا تنتظره فلا يأتى

قلمى

هناك 4 تعليقات:

  1. ترانزيت
    بين الحقيقة والخيال وأختارت أن يبقى فى خيالها عمرا تنتظره فلا يأتى...

    بحب كلامك قوي يا منى بحس بيه جدا يمكن علشان أنا دايما عايشة حالات ترانزيت بخيالي ..أو كما يقول زوجي لازلت أرتدي النظارة الوردية

    تحياتـــي

    ردحذف
  2. نو وحشتينى أنت فين مختفية أن شاءلله تكون صحتك وظهرك أحسن - والله مش أنت لوحدك لافى أو روز سمة فى بعض نساء الزمن الجميل :)

    ردحذف
  3. ما حدث لبطلة القصة هو أقصى إحباط قد يصيب الإنسان في حياته

    أن يقضي المرء منا عمرا طويلا منتظرا أن يلتقي من يحب راسما له صورة في خياله وفق آخر وضع تركه عليه .. ثم يتفاجأ عند لقائه بأنه قد أصبح شخصا آخر غير الذي عرفه

    الأفضل حينئذ (كما ذكرت أنت هنا) هو أن تنسى البطلة هذا اللقاء وكأنه لم يكن .. وتجتر الذكريات الجميلة القديمة أفضل

    ردحذف
  4. جميلة ومؤثرة جدا
    طب كويس انه مقلهاش سلفينى قرشين اخوكى مزنووق هههههههههه
    ممكن على فكرة ميبقاش الاحساس انى منتظرة الحبيب بس لا ممكن انتظر حاجة فى حياتى افتكر انها هى دى هى دى الفاصل والفيصل اللى هيغير كل حاجة وهيخلى كله تمام لكن الحقيقة بتطلع قبيحة فانسحب واسحب حلمى ده كمان واخلى عايش بين ضلوعى بس لا وكمان اتخيله احسن واحسن

    ردحذف

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))