الاثنين، يوليو 12، 2010

الهوس


لاتأخذكم الظنون بأن هذا البوست شخصى رغم المقدمة الشخصية -  يوم الأحد الماضى حضرت من السفر صديقتى وهى فى نفس الوقت بنت أخت زوجى ومعها أبنتيها لقضاء أسبوع فى القاهرة مع والدتها (عمة أولادى) وفى نفس الوقت كان أخوها قد حضر منذ يومين من بلد أخر مع أسرته لقضاء العطلة حيث أنه أبتاع شقة صغيرة فى أحدى قرى الساحل الشمالى وتم الاتفاق على أن يقضوا جميعا الاسبوع هناك وكنا أتفقنا معهم أن نقوم بتأجير مكان بالقرب منهم لان أولادنا جميعا فى سن متقاربة وبعد أن أستقبلنا صديقتى وأحتفينا بقدومها هى وعائلتها رجعت كل أسرة الى منزلها أستعدادا للسفر وبينما نحن نيام وقعت عمة الاولاد لتكسر ساقها وتدخل غرفة العمليات لاجراء جراحة عاجلة ودقيقة وأصبح مقر التصييف لنا جميعا هو غرفتها فى مستشفى كليوباترا فى مصر الجديدة (التى لها تاريخ حافل معنا) بدلا من قرية الشروق فى الساحل الشمالى – أن وقوع العمة على الارض قد يبدو حادثا بسيطا لكنه فادح بالنسبة لسنها ولانها مصابة بالهشاشة وتسببت هذه السقطة فى تغيير ترتيبات عدة اسر – اسرة الابنة والابن والاخ (نحن) والاخت الثانية والعديد من الصديقات اللاتى غيرن خططهن لزيارة صديقة العمر. هل كان أى منا حين نام ليلته يعرف أن هذا ما سوف يحدث أم كان كل فرد فينا يخطط بشكل أو بأخر لما سيفعله خلال العطلة التى كنا جميعا نتوق اليها والحمدلله على كل شىء وقدر الله وما شاء وفعل - هذا كان أحساسنا الحزن على العمة لان لها مكانة خاصة فى قلوبنا والاحباط الذى شعرنا به لتغيير خططنا – تساءلت وأنا أشعر بهذا الشعور ترى ماهو أحساس أسر ضحايا حادثة المقاولون العرب؟؟ هل كانت الزوجة تتخيل حين آوت الى فراشها ليلا أنها ستكون هى الليلة الاخيرة بجانب زوجها ؟ هل حلم الطفل أنه سيفقد والده الى الابد ولن يكون معه للاحتفال بالعيد؟ ترى ما هو شعور أم القتيل حين تعلم أن أبنها لن يحضر ليتناول أفطار رمضان معها هذا العام؟ وماهو شعور أسر الجرحى الذين يرقدون فى المستشفى يتأوهون ويتألمون ومنهم من هو بين الحياة والموت؟ هل كان يخطط أى منهم أنه فى الغد سيكون راقدا على سرير فى مستشفى بدلا من سريره؟ هل كان يخطط أن يرى كابوسا لا يفارق خياله كلما أغمض عيناه بدلا من أن يحلم أنه فى الغد سيقبض فلوس الجمعية؟ كيف تغيرت حياة كل هؤلاء على يد رجل مهووس؟ أتساءل كيف كان شعور الضحية وهو يرى الموت بعينيه ويتلقى الرصاصات أنه لم يخوض حربا ليقتل ولكن الحرب كانت فى عقل رجل لاعقل له  قرر أن يقتله بحجة أنه يسخر منه؟؟ كم سخر العديد من الناس منا وكيف تعرض كل منا للعديد من المواقف المحرجة والساخرة والتى كانت أحيانا تدفعنا لذرف دموع لا تنتهى- هل خطر فى بال أى منا أن نحمل سلاح لنقتل من يسخر منا؟؟ أى تبرير هذا أصبح يبرر به الناس وحشيتهم وبشاعتهم وهوسهم بل وتعطشهم لسفك الدماء؟؟ دقائق فاصلة هى بين خطوات الضحايا على سلم الاوتوبيس وبين الكلاشينكوف الذى نزع حياتهم بلا رحمة.
لقد قرأت بالأمس التحليل النفسى الذى نشره الدكتور خليل فياض فى المصرى اليوم عن هذا الرجل وقد أسهب الدكتور فى الشرح وفى تفاصيل وقائع حياة هذا الرجل حتى تصبح الجريمة بسبب ضلالات وهلاووس فى عقل الرجل لا أساس لها من الصحة. لم أتعاطف مع التحليل وأبغض أن تبرر كل جريمة وحشية بأنها وقعت تحت وطأة الضغط أو المرض النفسى. فالجريمة مبيتة وعن عمد ومع سبق الأصرار والترصد وكان الحقد والرغبة فى الانتقام تنخر فى عقل هذا الرجل حتى قتل زملاء له فى العمل . أن أمثال هذا الرجل يجب أن يحاكم على الفور وأن يصدر ضده الحكم بالاعدام فى ميدان عام نعم فى ميدان عام ليكون عبرة لمن يروع الآمنين ولكل من تسول له نفسه فى الانتقام من أنسان مثله لاحول له ولاقوة ولم يخطر فى باله أبدا أن هناك وحش يتربص به. لا يهمنى أن كان ناصع السجل لمدة 30 عاما فهذا لا يعطيه الحق بأن تكون خاتمة أعماله قتل أبرياء تحت أى مسمى. أن مثل هذه الجرائم لارادع لها سوى بتوقيع أقصى العقوبات وبدون محاكمة فلا تبرير لمثل هذه الجرائم ولايحق لامثال هؤلاء المجرمين الاستماع الى مبرارات لافعالهم. ترى حين نغمض أعيننا ليلا هل نعلم ما يخبئه لنا الغد وكيف يمكن أن تتغير حياتنا رأسا على عقب لأسباب لا نعرفها ولا يد لنا فيها.
قلمى

(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

هناك 10 تعليقات:

  1. انا مع حضرتك تماما مدام منى ..القصاص القصاص

    ردحذف
  2. لم أتعاطف مع التحليل وأبغض أن تبرر كل جريمة وحشية بأنها وقعت تحت وطأة الضغط أو المرض النفسى. فالجريمة مبيتة وعن عمد ومع سبق الأصرار والترصد وكان الحقد والرغبة فى الانتقام تنخر فى عقل هذا الرجل حتى قتل زملاء له فى العمل . أن أمثال هذا الرجل يجب أن يحاكم على الفور وأن يصدر ضده الحكم بالاعدام فى ميدان عام نعم فى ميدان عام ليكون عبرة لمن يروع الآمنين ولكل من تسول له نفسه فى الانتقام من أنسان مثله لاحول له ولاقوة

    ========================


    أؤيد كلامك 100% علشان احنا بقى عندنا شماعة بنعلق عليها كل حاجه بس مش كده بقى داه فكر وخطط ودبر ...

    حسبي الله ونعم الوكيل


    ربي يحمينا آجمعين

    ردحذف
  3. "انت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد"

    هذا هو تعليقى على الجزء الاول من الموضوع

    أما عن الجزء الثاني فأنا أوافقك تماماً أنه لا يجوز تفسير الجرائم تحت بند الضغوط النفسية أو الحياتية
    لان بهذا التفسير ستزيد جرائم المجتمع 300 ضعف تحت ذريعة نفس الأسباب الإجتماعية والنفسية

    ردحذف
  4. يامنى
    نعم من هذا المنطلق دائما اقول ان الإنسان مسير لامخير فمجرد حدوث قدر ما غير مخطط لهو دليل على ان الحياه هى مسرحية كتبت بداياتها ونهاياتها ومانحن الا ممثلين لادوار لم نخترها

    ردحذف
  5. كلام سليم جدا ...العنف والقتل بأبشع الطرق واتفه المبررات ...اصبح سمة غالبة فى هذه الفترة ....والقصاص العلنى هو حل رادع الى حد ما ....

    الف سلامة لعمة الاولاد ..معلش تتعوض الاجازة باحسن منها بأذن الله

    ردحذف
  6. ستتكرر تلك الجريمة فى المستقبل كثيرا..ولكن من الجانى ومن المجنى عليه؟

    ردحذف
  7. كل مجرم لديه حجه جريمته

    وكل متهم لديه حجج وقوع الجريمه والتهمه

    ولكن ماذا عن الضحيه ماذا لو استمعنا الى مرافعه الضحيه نفسها

    وقتها سنجد كل مبرات المتهم واهيه


    انا ارى ان الجزاء من جنس العمل


    بوست رائع


    تحياتى

    ردحذف
  8. غير معرف15/7/10 4:43 ص

    الافلام والمسلسلات التلفزيونية اللى بترسخ مبدأ العنف والاخذ بالثأر ومنطق الغاب وان الانسان ياخد حقة بنفسة والغاء حاجة اسمها قانون اوعدالة وان القانون مبيخدش حق حد دا حتى فى رمضان كل المسلسلات سرقة وقتل وعنف ومخدرات وزهرة وازواجها الخمسة يعنى الواحد يشوف مسلسلات دلوقتى ومسلسلات زمان يترحم على ايام زمان اللى فيها ذى ليالى الحلمية ومن الذى لايحب فاطمة حتى الاسامى ليها معنى علشان كدة الواحد قاطع المسلسلات دية

    ردحذف
  9. كلامك سليم طبعا
    ومعاكى حق طبعا بان مينفعش نفسر الجرائم بانها ضغوط نفسيه

    تحياتى دمتى بود
    بعتذر عن انقطاعى وذلك لظروف خاصة

    ردحذف
  10. غير معرف16/7/10 1:26 ص

    السلام عليكِ مدام منى .. صرت أهرب من التعليق على الحوادث

    وهنا كذلك سأتهرب من المناقشة ليس اختلافاً أو تأييداً لكِ ولكن فقط لأني بحاجة لاعتزال الحوادث وأحداثها فأنا فيها بصورة شبه يومية وجئت لأقول لكِ فقط :
    حمد الله ع السلامة

    ردحذف

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))