"مقدمة"
لكل منا حكاية وهناك حكاية حول كل من يحيطون بنا والحكاية ليست حدوتة فهى تتحول الى عبرة وعظة لشخص ما لايمت لأصل الحكاية بصلة ولكنه يسير فى الدرب نحو الحكاية الخاصة به –
لاأعرف كم من حكايات سأسرد من ماضى بعيد وقريب وحاضر متواجد معنا ولكن من دفتر التلوين سأمسك بقلمى لأخط وأرسم حكايات لشخصيات حقيقية صادفتها ورافقتنى فى رحلة حياتى لليوم
هناك من رحل وسافر وهناك من نسى ومرض وأرتحل عن دنيانا وووو
وستبعد ألوانى القتامة عن الصورة المرسومة
الحكاية الاولى : يومان فقط
المكان \التوقيت: القاهرة يوليو1984
تقف مى مترددة أمام قسم شرطة "السيدة زينب" تبدو فى حيرتها وكأنها قادمة للتو من الارياف – تشجع نفسها فى سرها يجب أن أدخل - فما ستحصل عليه هو المفتاح لكل شىء والاهم مفتاح لشخصيتها
تتحسس ال5 جنيهات الموضوعة بحرص فى جيب فستانها الايمن بينما تتأكد أن كل الاوراق المطلوبة فى الظرف الذى تحمله تتقدم خطوة وتأخرها ثم تدخل تجد العسكرى المسئول تقدم له الاوراق وتخبره أنها تريد أستخراج بطاقة شخصية لها (سوف تخبره عن الفيش والتشبيه بعد أن ترى رد فعله) ينظر اليها العسكرى بدهشة ويسألها أين ولى أمرك ؟؟
فى سرها ولى أمرى – ولى أمرى ثم بصوت أعلى مش موجود
ماينفعش ياشاطرة لازم ولى أمرك
فى سرها شاطرة!!! بصوت أعلى (كله أدب واستعطاف) أنا عمرى 23 سنة وقد وجدت عمل ويجب أن يكون عندى بطاقة حتى أحصل عليه
وبدون أن تدرى وجدت نفسها تبكى قائلة أنا أعول أمى فوالدى قد طلقها ورحل ولانعرف عنه شىء
نظر اليها العسكرى قائلا : خلاص خلاص بلاش عياط علشان خاطرك
تعالى بكرة خدى البطاقة حتلاقيها أن شاءالله جاهزة
تخرج الى الشارع يجب أن تنتبه من اليوم الى أسماء الشوارع والاماكن لانها فى بلدها الذى لاتعرفه فقد رحلت عنه منذ الصغر ولم تعود اليه سوى للدراسة الجامعية وبالكاد كانت تخرج أيامها ثم رحلت عنه مرة أخرى
كان عليها أن تكذب فمنذ أن طلق والدها والدتها وهى لا تعرف عنها شىء هى لاتعول أمها ولكنها بدأ من اليوم سوف تعول نفسها بعد أن طردتها زوجة ابيها من المنزل من يومين – تذكرت مى الفتاة الهادئة الحنونة أحداث الامس وأول الامس وهى هائمة لاتدرى مايخبئه لها الغد
قبل يومين
أحضرت المرأة حقيبة وجمعت بعضا من ملابسها وسلمتها الحقيبة ومبلغ 200 جنيهاوقالت لها ليس لك مكان بيننا الان بعد طلاقك وعودتك من البلد الاخر – أنتظرت أن تستعطفها مى وأن تتوسل اليها أن تبقى عليها حتى لحين عودة والدها ولكن لدهشتها نظرت اليها مى بلامبالاة وتركتها ورحلت
وقفت فى الشارع لاتدرى الى أين تذهب تذكرت منزل صديقة لها أيام الجامعة فتوجهت اليه وأستقبلتها أم صديقتها لتخبرها أن هبة صديقتها فى شهر العسل فطلبت منها المبيت لليلة أو ليلتين حتى تدبر أمورها فوافقت السيدة على أن ترحل قبل عودة أبنها الشاب من السفر فلا يصح تواجدها فى وجوده – (فهمت مى طبعا) ووجدت نفسها وحيدة فى منزل صديقتها لاتملك غير أن تبكى وتصلى متوسلة الى الله أن يفتح لها أبواب رحمته ورزقه
وبعد الصلاة بحثت فى حقيبة يدها عن رقم لصديقة مصرية قابلتها فى البلد الاخر وأتصلت بها وشرحت لها ظروفها فأخبرتها الصديقة أنها تعمل مدرسة ويمكنها أن تأتى غدا لمقابلة صاحبة المدرسة لانهم فى حاجة لمدرسات وذهبت الا أن العمل كان يبدأ بعد شهر فقبلت رغم أنها لا تعرف سبل العيش خلال هذا الشهر وتوجهت بعد ذلك لسكن مغتربات كانت قد شاهدت اليافطة الخاصة به اثناء سيرها فى الشارع
وبعد مقابلة مع صاحبة السكن ومعاينة له طلبت منها السيدة صورة البطاقة وتأمين ومقدم شهر حوالى 100 جنيه (لغرفة مشتركة مع أخريات) ودفعتهم وطلبت مهلة لاحضار صورة البطاقة بعد يومين على ألا تحضر للسكن الا وهى معها
وعادت لبيت أم صديقتها لتجد أتصالا من صديقتها المدرسة تخبرها بضرورى التوجه غدا الى مقابلة عمل فى أحدى الفنادق وأعطتها أسم للفتاة المسئولة هناك وبالفعل توجهت مى الى المكان وأجتازت كل الاختبارات فى المقابلة حتى الالة الكاتبة التى كانت قد أصرت على تعلمها (حمدالله) فى الصيف الماضى وفى نهاية المقابلة طلب منها الحضور غدا لاستلام العمل على أن تحضر صورة من بطاقتها وفيش وتشبيه وغيرها من الاوراق ويمكنها الحضور فى الاسبوع الاول متأخرة ساعتين لاتمام الاوراق على أن تستمر فى العمل حتى 7 بدلا من الخامسة لتعويض التأخير
لم تتكلم ووقفت مشدوهة شكرت الفتاة ووعدتها بسرعة أنهاء الاوراق وتيقت أن الله معها ولن يخذلها فما مر بها من أحداث وتيسير لامورها فى يومين فقط يدفعها الى التفاؤل والتوكل على الله
اليوم الاول فى حياة جديدة
شكرت العسكرى بعد أن سلمها البطاقة والفيش والتشبيه حاولت أن تعطيه ال5 جنيهات فرفض بشدة - حملت الظرف وحقيبة ملابسها توجهت للمكتبة الصغيرة بجوار القسم قامت بتصوير البطاقة وشهادة ميلادها التى أحضرتها من الكلية بالامس ثم توجهت الى سكنها الجديد فتحت الدولاب المخصص لها وضعت الحقيبة كما هى لحين عودتها سلمت صورة البطاقة لصاحبة السكن واستلمت المفتاح الخاص بها وقفت فى الشارع أنتظرت الاوتوبيس المتجه الى أخر الهرم حيث يقع أحد أشهر فنادق مصر وحين وصلت قامت بتسليم كل الاوراق الخاصة بتعيينها وبدأت أول مهام عملها كسكرتيرة فى أحدى أقسام الفندق – ولم يعلم أحد ابدا أنها منذ يومين فقط كانت بلا هوية أماالان هى تحمل بطاقة شخصية بياناتها فتاة تعمل بكفاح وتحول أنكسارها وضعفها وترددها الى صلابة لمجابهة الحياة لحياة أفضل منحتها فيما بعد لقب زوجة وأم وأسقط عنها لقب مطلقة الذى لم تعر له أدنى أهتمام أبدا ورغم قسوة وجفاء الاهل الا أن مى لم تفقد ابدا طيبة قلبها ولاتسامحها وحسن تعاملها مع الناس ولاتنسى أبدا فضل الله عليها فى كل نجاحاتها
أنتهت
القصة القادمة أن شاءالله
أم محمود هل جنت على اولادها؟
تنشر القصص مرة شهريا
قلمى