حين شاهدت فيلم "بنتين من مصر" لم أكن أعرف أنه هناك محام مصري قد تقدم ببلاغ للنائب العام يتهم فيه الفيلم بالإساءة لسمعة فتيات مصر، وتحريضه على الفجور، لتضمنه إيحاءات وألفاظ جنسية، وطالب بوقف عرضه.
لم أفهم كيف يسىء هذا الفيلم بالذات الى بنات مصر رغم أنه فى رأى الوحيد الذى لا يسىء اليهن على الاطلاق عكس كل الافلام التى روجت لها السينما مؤخرا والتى تظهر فيها بنات مصر عايشة الحياة بالطول والعرض حتى وأن كانوا من بيئة شديدة الفقر ولم يرفع على فيلم فيهم أى قضايا لا من قريب ولا من بعيد بينما أحتوت العديد من الافلام على أيحاءات وألفاظ جنسية تثير الغثيان ولم يتحدث أحد ولم يتم رفع اى قضية.
والفيلم يحكى قصة حنان (زينة) وأبنة عمها داليا (صبا مبارك) بنتين لهما حلم جميل وهو الزواج من رجل يحبهم ويحميهم وهو مطلب شرعى وطبيعى وخاصة أن الفيلم يظهر حنان وقد تمت عامها الثلاثون بينما داليا تختطها بسنة أو أكثر.
تعمل حنان أمينة مكتبة الجامعة التى تعد فيها أبنة عمها رسالة الماجستير والتى لاتقدر على أحراز أى تقدم فيها لانها مشتتة الفكر وتشعر أنها وحيدة وترغب فى أن تعيش قصة حب فى أطار شرعى. وتحصل حنان على الدوام على درع أحسن العاملين فى الجامعة ونشاهدها وهى تذهب لشراء قميص نوم بفلوس المكافأة التى حصلت عليها ونجد أنها تقوم بشراء قميص نوم جديد مع كل مكافأة تحتفظ به فى دولابها وتكتب عليه تاريخ شراؤه وتضعه مع بقية القمصان لينضم الى ملابس جهاز عرسها الذى تحلم به.
تعمل داليا أبنة عمها فى مستشفى حكومى تابع للجامعة تطلب منها زميلة لها الانضمام لحزب المعارضة فترفض لانها ليس لها فى السياسة الا أن حنان تنصحها بضرورى الاندماج والاختلاط بالناس حتى يراهم الناس وتكون هناك أمكانية الحصول على العريس. وبالفعل تتعرف داليا على المحرك الرئيسى للحركة وتشعر نحوه بميل وتبدأ بمساعدته فى توزيع المنشورات وجمع العديد من المؤيدين حتى يأتى اليوم الذى تسافر معه لحضور جلسة أو وقفة ما خارج القاهرة فيوقفهم الكمين وتشعر بخوف شديد الا انها تجده يقوم بالاتصال بأحد معارفه من الشرطة فيسمح لهما بتكملة الرحلة لتكتشف أنه ليس سوى منافق زعيم معارضة بينما هو فى الحقيقة لا يستطيع أن يستغنى عن خدمات الحكومة بل ويخدمهم ليسقط من نظرها.
تحلم حنان بالامومة وتظهر دائما رقيقة وخفيفة الظل وتعشق الاطفال ويظهر زميل جديد فى مجال عملها فتحاول أن تجذبه نحوها بأسلوب خفيف الظل ليس فيه أى نوع من الاسفاف ولا الفجور وهو اسلوب تفعله الاف الفتيات على مختلف العصور حين يرغبن فى أن تلفت نظر الرجل لها الا أنه للاسف يعجب الزميل بزميلتها الاصغر سنا ويخبر حنان برغبته فى خطبة الزميلة الاصغر لانه تغرب وقضى عمره فى شقاء الغربة ويرغب الان فى أستعادة شبابه مع فتاة صغيرة عمرها 23 -24 عاما بينما هو يبلغ الاربعين. وفى عيد ميلادها الثلاثون تشعر بالاسى على شبابها وعدم تحقيق حلمها للان وتلمح عاملة الكافتيريا ترضع صغيرها فتذهب اليها وتسألها بكل برأة "هو أنا ينفع أرضعه" فتخبرها العاملة أنه لا لبن عندها فتطلب منها مجرد حمله فتعطيها الرضيع لتحتضه وتقدم له صدرها فى مشهد مؤثر بينما تتساقط دموعها وتقرر أن تذهب لادراج أسمها فى مكتب لتسهيل الزواج. ودون أن تخبر أبنة عمها تدرج أسمها هى ايضا.
داليا تحاول الدراسة بشكل مكثف وتظهر فى الفيلم على التوالى شخصيات أخرى أخو داليا وهو شاب متخرج عاطل لا يجد أى عمل ويقضى معظم وقته مع صديق أخر عاطل فى السهر أمام الكمبيوتر أو تسلية وقتهم باللعب ويبدو الاخ مستسلما لواقعه وتعود داليا فى يوم مبكرة لتجده يقوم بمسح الشقة فترفض ذلك وتخبره أنه "رجل البيت" فيسخر من التعبير بينما تظهر والدتهما مشلولة على كرسى متحرك تحلف لابنتها أنها حاولت منعه. ويظهر أخو حنان فى نفس الوقت وقد حصل على عقد عمل فى دبى ليكون رئيس عمال أى أنه حصل على عمل لا يتناسب مع مؤهله الا أنه يستعد للسفر فلا مستقبل فى بلده. ويحضر ابن خالة حنان الشاب من البلد ليقيم معهم حتى تنتهى أوراقه ليسافر هو الاخر بعيدا عن البلد.
وتظهر العديد من الشخصيات الجارة التى فاتها سن الزواج وترتبط بعلاقة صداقة وطيدة مع البنيتن فهى تعانى من وحدة شديدة خاصة فى الليل ولاتنصت سوى لصوت القرآن ليبعد مخاوفها وتذهب الى الحديقة لتشاهد الاطفال وهم يلعبون وتنام على أصواتهم وتخشى حنان أن يكون مصيرها كمصير تلك الجارة فنجدها أحيانا تبتعد عنها ولا ترغب فى البقاء بجوارها. وتظهر شخصية الفتاة صديقة حنان التى تتزوج فيفرح لها الزميلات ويجتمعن بعد عودتها ليسألنها عن تفاصيل الزواج وماذا يعنى لها وجود رجل فى حياتها لتجيب أنها للان لاتصدق أنها أصبحت مسئولة عن رجل وأن أجمل شىء أن تفتح عينيها صباحا لتجده بجوارها وكان الحديث بين الفتيات فى منتهى الرقى وأيضا بعيدا عن الاسفاف والفجاجة وفى مشهد أكثر من رائع يشعرن بالانبهار والتطلع الى الحلم مع حديث الفتاة. أما صديقة الطبيبة فتكتشف داليا أنها على علاقة بطبيب زميل الا أنها تخبرها أنها تزوجته عرفيا لانها بحاجة لوجود رجل فى حياتها لحين تتيسر الامور ماديا الا ان العلاقة مشروطة بالاحتفاظ بعذريتها – (أليس هذا ما يحدث بنسبة كبيرة فى مجتمعنا الان؟؟).
تتشابك الاحداث وتتصاعد فتجرف مشاعر الكآبة داليا الى التعرف بشاب على الشات يعانى هو الاخر من الوحدة والكآبة بشكل حاد فهو متخوف من المستقبل ويرى أن أحوال البلد هى العفن بكل المقاييس ونفهم أنه يكتب كل ما يراه ويعارضه على النت وتبدأ داليا فى الحديث معه وتحكى له كل مخاوفها ومشاكلها حتى مشاكل أبنة عمها ويحاول أن ينصحها ويوجهها الا أنه دائما ما يقف موقف المتشائم. ويظهر لداليا عريس عن طريق مكتب تسهيل الزواج فتجده مهندس زراعى يمتلك قطعة أرض من الحكومة الا أنه تراكمت عليه ديون عديدة ولا يقدر على سدادها لكنه يحاول العمل بشكل شاق وهو ماتوافق عليه ويتقدم لخطبتها وتقطع علاقتها على الفور بالشاب على الشات. بينما تتصل حنان بمكتب تسهيل الزواج بين الحين والاخر لتقلل من شروط ومواصفات الزوج حتى أنها لاتمانع من أن يكون لديه أطفال وبأنها لاتريد فرح. يتقدم لحنان أخيرا عريس عن طريق سيدة تعمل معهم فى المكتبة تعمل كخاطبة وتغمر السعادة الفتاتين ويتعارف الشابين ولكن السعادة عمرها قصير فتتلقى داليا مكالمة من خطيبها فى منتصف الليل لتحضر له فى المطار ليخبرها أنه تم الحكم عليه بسبب الديون وأنه صدرت أوامر بمنعه من السفر وأنه لابد له من الهروب الان من البلد ويخبرها أنه لا يمكن أن يربطها به ويرحل لترحل معه كل أحلامها وتفقد قلبها لانها أحبيته فى فترة قصيرة. أما حنان فتكشتف أن خطيبها رجل يشك فى كل نساء الدنيا وطلب منها الذهاب للدكتور للكشف عن عذريتها ورغم المهانة التى شعرت بها فتذهب معه رغم رفض أبنة عمها لذلك وحين يـتأكد له أنها عذراء يتركها لانه لايزال لايقدر على التواصل مع أى فتاة لانه لا يثق فيهن. فتنهار الفتاة الرقيقة وتصاب بنزيف ويتضح فيما بعد أنها تعانى من أورام حميدة فى الرحم الا انه يجب أستأصاله فتخبر الطبيب "مش ممكن نستنى سنيتن علشان أكون أتجوزت وخلفت" فيرد سنة ونصف على الارجح. ويرحل الاخ لدبى ويرحل أبن الخال أيضا بعد أن بيصق فى المنديل قبل أقلاع الطائرة وفى محاولة فاشلة لاخو داليا بالرحيل عبر العبارة يموت صديقه ويعود الى أسرته مشلولا. ويتقدم عريس لحنان ولايجد وقت ليراها سوى فى المطار قبل رحيله فتخبر الخاطبة بأنها ترغب بأن يرى العريس أبنة عمها ايضا فى حالة أنها لم تعجبه وينتهى الفيلم بنظرة الفتاتين الحزينة للطائرات وهى تقلع بعيدا فى السماء وهما ينتظران العريس.
الفيلم يحمل تشاؤم وحالة من الحزن والشجن بشكل مكثف الا أنه للاسف يعرض العديد من الحالات الواقعية تعيشها فتيات كثيرات وشبان أيضا ولايجد الشباب حلا لها سوى الرحيل عن البلد حين تسنح لهم الفرصة.
وأحداث الفيلم تصور مدى أحتياج الفتاة لوجود الرجل فى حياتها وهو شعور طبيعى فقد خلقها الله على تلك الفطرة وما تروج له بعض الفتيات أنها تستطيع بمالها وعملها الاستغناء عن وجود الرجل فهو فى رأى هراء لاصحة له ويخدعن أنفسهن بتلك الاكذوبة.
وفى مشهد من مشاهد الفيلم تحضر حنان عدة جلسات نفسية مع فتيات أخريات ليصرحن بمخاوفهن فى حالة عدم زواجهن وفى الجلسة الاخيرة تخبرهن الطبيبة بأنه اليوم ستكون الجلسة عن كيفية التأقلم مع الحياة بدون وجود الرجل فترفض حنان الاستمرار فى الجلسة وترحل.
يعيب الفيلم بعض المشاهد الطويلة المملة وظهور العبارة وغرفة البخار بين المشاهد بلا رابط فلا يفهم المشاهد ما علاقة صورة العبارة بالاحداث الا متأخرا. الا أنه يحمل العديد من المشاهد التى لا تنسى والتى نفذت بأتقان لتصل لقلب وعقل المشاهد.
وقد أدى الجميع أدوارهم بشكل جميل وخاصة زينة رغم أنى لست من المعجبات بها على الاطلاق كممثلة ألا أن محمد أمين الكاتب والمخرج كان له دورا كبيرا فى تحسن أدائها بشكل مذهل ومن الافضل لها أنتقاء أدوارها فيما بعد والابتعاد عن تامر حسنى بقدر الامكان. ما لم يعجبنى هو وجود الممثلة صبا مبارك وهى أردنية فلا أعرف سر أختيارها فأن كان الفيلم بنتين من مصر فمن الاولى أن تكون الممثلة مصرية وأن كانت وجها جميلا وأجادت دورها حتى لهجتها كانت متقنة الا أنها تبالغ أحيانا فى ردود أفعالها. الفيلم لم يقدم حلا للمشكلة لانها مشكلة متشعبة وحلها يتطلب العديد والعديد من الاشياء والخطط - لكنه أجاد طرح وعرض المشكلة بمفهموم أنثوى رقيق وراقى ولايدعو للفجور بأى شكل من الاشكال فالفتاتين تبحثان عن الحب فى أطار الزواج ولم يظهر أى نموذج يسىء لسمعة بنات بل على العكس فرغم كل الاحداث التى مرت بحنان مثلا نجدها لاتحمل أى حقد حتى فى لحظة غضب يتوارى حقدها ويتلاشى وتطلب فرصة لابنة عمها فهى من حقها أيضا فرصة - أما داليا تبدو خائفة ومرعوبة على حنان حين تعرف مرضها وتخشى أن تفقدها وهى تنتظر نتيجة التحاليل الخاصة بها.
فتبدو الفتاتان بحق فتيات مصر الجدعة الطيبة الى قلبها على قلب بعض.
وقد أدى الجميع أدوارهم بشكل جميل وخاصة زينة رغم أنى لست من المعجبات بها على الاطلاق كممثلة ألا أن محمد أمين الكاتب والمخرج كان له دورا كبيرا فى تحسن أدائها بشكل مذهل ومن الافضل لها أنتقاء أدوارها فيما بعد والابتعاد عن تامر حسنى بقدر الامكان. ما لم يعجبنى هو وجود الممثلة صبا مبارك وهى أردنية فلا أعرف سر أختيارها فأن كان الفيلم بنتين من مصر فمن الاولى أن تكون الممثلة مصرية وأن كانت وجها جميلا وأجادت دورها حتى لهجتها كانت متقنة الا أنها تبالغ أحيانا فى ردود أفعالها. الفيلم لم يقدم حلا للمشكلة لانها مشكلة متشعبة وحلها يتطلب العديد والعديد من الاشياء والخطط - لكنه أجاد طرح وعرض المشكلة بمفهموم أنثوى رقيق وراقى ولايدعو للفجور بأى شكل من الاشكال فالفتاتين تبحثان عن الحب فى أطار الزواج ولم يظهر أى نموذج يسىء لسمعة بنات بل على العكس فرغم كل الاحداث التى مرت بحنان مثلا نجدها لاتحمل أى حقد حتى فى لحظة غضب يتوارى حقدها ويتلاشى وتطلب فرصة لابنة عمها فهى من حقها أيضا فرصة - أما داليا تبدو خائفة ومرعوبة على حنان حين تعرف مرضها وتخشى أن تفقدها وهى تنتظر نتيجة التحاليل الخاصة بها.
فتبدو الفتاتان بحق فتيات مصر الجدعة الطيبة الى قلبها على قلب بعض.
وتحية لفكرة الفيلم الجريئة الموجعة.
وتحية لمحمد أمين فما يقدمه وما قدمه من قبل لم يكن أبدا غثا.
وتحية لمحمد أمين فما يقدمه وما قدمه من قبل لم يكن أبدا غثا.
قلمى