الأربعاء، أكتوبر 07، 2009

الشتاء وطول لياليه


اليوم شعرت ببدايات لسعات البرودة وهى اللسعات التى أشعر بوخزها وكأنها ضربات من السوط فأعلم أنه قد بدأت رحلتى الاكتئابية مع فصل الشتاء الذى لا أحبه مطلقا

دائما ما ألمح نظرة من الاستنكار أو كلمات من الاستخفاف أن تفوهت بأننى لا أحب الشتاء رغم أن ما نحب ونكره هو حصريا خاص بنا فليس من المفروض أن أحب ما تحب أو أن تكره أنت ما أكره ولايحتاج الشتاء لمحامين للدفاع عنه عندى فقضيته بالنسبة لى محسومة بأعدام حبه فى قلبى

فالشتاء يشعرنى بأنى أمرأة شاخت فى العمر فجأة فلا أقوى على برودته أبدا منذ أن كنت طفلة رغم ولادتى فى عمق شهوره فلم يأتى على شتاء وأنا طفلة الا وكنت طريحة الفراش لايام قد تمتد لاسابيع عدة وربما شهر

أما وقد صرت شابة ووزوجة وأم فكم أمقت أن أبدأ صباحى بنظرة للغيوم الملبدة فى السماء التى تشيع الكآبة فى كل جوارحى فأصحو فى كل صباح شتوى بسؤال متى ينتهى هذا الفصل فلا أسمع سوى حفيف الاشجار العارية من أوراقها الخضراء الندية

ما أبغض الانتظار كورقة جافة يلفحها الزمهارير وأنا أقف على رصيف الشارع أنتظر أن تقلنى حافلة ما لمكان ما وأنظر الى أصابعى التى تكاد أن تتجمد رغم أننا لا نحى صقيع البلاد الاوروبية وأشعر ببرودة أطراف أقدامى فيهييء لى أننى على وشك الاصابة بالشلل

وأسير فى ضباب ليس له ملامح فأجد نفسى أمشى فى دائرة هلامية لاأعرف بدايتها من نهايتها فلا أشاهد أول الطريق وأرتجف أن يظهر لى زومبى أفلام الرعب الذى يعشق الخروج من وسط الضباب لامتصاص دماء ضحاياه من النساء فهو لم يعد خيال بل حقيقة متربصة تحت عدة سيناريوهات حديثة

أعود الى منزلى فأجد أطرافى ملونة بأزرق يتدرج من فاتح الى داكن حسب درجة البرودة وأحتمالى الرخو لا أتحرك في بيتى الا وأنا أرتدى بطانية تلفنى من رأسى وكأننى شيخ قبيلة الهنود الحمر أستعد لممارسة طقوس طرد رياح الشتاء التى تعصف بشدة ليصرخ خشب النوافذ بصرير تظنه لرجل يذبح وحش ما فى منتصف الليل مع موسيقى خلفية من رعد وبرق


لاأهوى أرتداء المعاطف ولا الاحذية الجلدية الطويلة التى تشعرنى بأنى أعمل فى الاستخبارات أو شبكة تجسس أكره الشعور بأننى أحمل اثقالا على أكتافى وليس مجرد شال أوجاكيت شتوى يشعرنى بأنى الجدة العجوز فأبقى أنتظر عودة المجهول بجانب المدفأة وأنا أخيط قبعة من التريكو وتموء بجوارى القطة لتذكرنى بأننى أحلم بعودة الالوان المشرقة للملابس والحرية فى الحركة

أكتئاب الشتاء مرض موسمى يصيب واحدة من كل خمس سيدات و أعتقد أنه أنا تلك الواحدة وأعراضه هى
• اضطراب وتغيير في الشهية، خصوصاً اشتهاء الأطعمةَ الحلوّة أَو نشويةَ

• زيادة الوزن عن المعتاد

• تراجع في مستويات الطاقة

• الشعور بالصداع ، الإعياء بصفة مستمرة

• زيادة فترة النوم

• صعوبة التركيز أو التواصل

•قلق وتوتر

• الشعور بالرفضِ الاجتماعيِ

• تجنّب الحالات الاجتماعية

• فقدان الاهتمامِ بالنشاطات الهامة والمختلفة

وهناك العديد من النصائح لتفادى هذه المرحلة الاكتئابية الشتوية ومنها ممارسة الرياضة (الى حد ما) والقيام بنزهة تحت دفء الشمس (أين هى الشمس؟؟) والالتقاء بالصديقات -لا أعرف كيف ألتقى بهن وأنا فاقدة القدرة على النطق من شدة البرد؟؟؟

ما أعشقه حقا فى هذا الفصل الكئيب بالنسبة لى هو المطر فأنا أحب مشاهدة هذا الابداع الالهى وأحب الدعاء عند هطوله وأحب قطراته حين تغسل أوراق الشجر والنخيل والحشائش وأحب رائحة الجو بعد الامطار وأحب أن أسير تحت المطر ولو لدقائق ويعشق أولادى نفس تلك الفكرة التى لابد أننى أورثتهم أياها من جيناتى المجنونة

ويحمل لى الشتاء ذكرى رحيل والدى (رحمه الله) خلال أيام قليلة فما بينى  وبين الشتاء لا هو عداء ولا هو بغضاء هو شىء من البرودة القاتلة بلا دفء كأيامه و يبقى الشتاء لى دوما أيام فى الصقيع لا أحبها وأتمنى أن تمضى من حياتى سريعا فالاحساس بالبرودة يقتل فى كل دفء للحياة
قلمى

هناك 10 تعليقات:

  1. آه يا منى جيتي عالجرح

    أنا أصلي شبهك قوي لا بحب الشتا وبرده المؤلم لعظامي العجوز ولا الصيف برطوبته برضه اللي بتأثر على عظامي

    أنا امرأة خريفية و ربيعية بحب الجو المعتدل ..شكلنا كده محتاجين نسافر مكان يكون ربيعي أو خريفي.. إيه رأيك تدوري عالخريطه؟؟؟

    وكل شتا وانتي بخير وصحة وعافية

    ردحذف
  2. اسلوبك ماشاء الله فى الكتابة

    بجد اسلوبك رائع وصفك كانى شايفاكى وعشت معاكى

    تسلم يمينك ويسلم قلمك

    ردحذف
  3. نور : الحمدلله لقيت حد زى أصلى كنت بحس أنى من كوكب تانى - بس نروح فين فين فين :))

    ماما مازن :أنت بس علشان لسانك حلو وبتحبى تشجيعينى ربنا يخليكى لى يارب

    ردحذف
  4. انا حاسس انى سقعت بعد ما قريت البوست ده
    ليه كده يا منى
    وبعدين اللى بيعجبنى فالشتا هو ان الناس بتفضل مع بعضها
    ومش بتسيب بعض
    بيجمع الناس يعنى
    وطبعا المطر ده ابداع الهى فعلا
    زى ما تكون الدنيا بتاخد شور
    وبتغسل بلاويها طول السنه
    او ممكن نقولى
    بلاوى الناس اللى عليها

    اما بالنسبه للسعه او قرصه السقيع
    دى
    ممكن تبقى طبيعيه
    او ممكن تبقى حاجه مرضيه
    ممكن اللى بيحس فيها ياخد موسعات الاوعيه بتزيد تدفق الدم للاطراف وبتقلل البروده وتشعر بالدفء
    اما بقى عن اسلوبك فانا اقل من انى اتكلم عليه
    جامد كالعاده
    ادعيلك بايه بقى فاخر البوست
    يلا ربنا يدفى ايامك

    ردحذف
  5. منى السلام عليكم
    الناس فيما يعشقون مذاهب ،وفيما يكرهون أيضا .
    ولاأحد يستطيع لومك على كرهك للشتاء
    كما أنه لا يستطيع أحد أن يلومني على عشقي للشتاءوبغضي للصيف رغم أني من مواليد الصيف
    ففي الشتاء أجد ذاتي وأستدفأ بها حين أضع كفيّ في جيوبي وأرفع ياقة المعطف وأرفع كتفي قليلا وأميل بهما للأمام وأسير تحت زخات المطر منتشيا بتلك اللمسات السحرية لقطرات الماء علي وجهي وللك الخوف اللذيذ من قطرات الماء أن تصيب العيب فتعلق بالرموش وحين أرى أنفاسي البيضاء أمامي فتشعرني وتثبت لي أني ما زلت أحيا

    ردحذف
  6. أدهم: هو أنت مش بتكتب الا على دخول المدارس؟؟:) أيه الاختفاء ده كله وكمان بطلت تكتب فى المدونة سايب دعاء كل يوم تطرطشنا بالالوان من مدونتها :))) كلام جميل مقدرش اقول حاجة عنه وزى ماقلت الناس فيما يعشقون مذاهب

    محمود: أنا مش بشوف اللمة ديه الناس بتنام من النجمة فى الشتاء :))) وكمان بتذاكر لعيالها يعنى محدش فاضى لحد هو فيه أحلى من لمة الصيف حوالين الايس الكريم ولا الترمس على البحر :))) موسعات ايه ده انا ولا حاجة بتحوق معايا فى البرد!!

    ردحذف
  7. منمن وحشتينى جدا واسفة انى وقتى ضيق اليومين دول ، بس ان شاء اللة هشوفك قريب قوى ، انا زعلانة جدا ان دة انطباعك عن الشتاء لانى بحبة قوى بكل ما فية من برد ومطر وغيوم وخلافة وانا شخصيا باشعر ان فصل الشتاءهو فصل الحب ودفء المشاعر ( ودة كان زمان طبعا ) بس لسة الانطباع دة موجود عندى لغاية دلوقتى مع الفارق انة مفيش حب ولامشاعر زى اللى كانت موجودة قبل كدة بس على رأى الاخ اللى قال اختلاف الرأى لا يفسد للود قضية

    ردحذف
  8. قلمك جميل
    تحياتى الك
    ومدونتك اكثر من رائعه

    انا احمد ولينا مزيد من التواصل ان شاء الله

    ردحذف
  9. طبعا اختلاف الرأى لايفسد للود قضية اما انا فأعشق الشتاء ولاسيما فى الاسكندرية بل واعشق نواتها حينما تنهمر الامطار ويفور البحر بالامواج وتصفر الرياح لقد قام المرحوم اسامة انور عكاشة بكتابة مسلسل اسمه النوه ( كم اعشق هذا المسلسل ) للشتاء عندى سحر خاص فهو فصل النقاء والرومانسية كم عشقت وانا جالس فى البلكونه اثناء النوة حينما كنت اعمل فى الاسكندرية كنت اشعر انى املك العالم فلااحد غيرى يقف كل يجرى يختبئ اما انا فالانسان الوحيد الواقف الصالب امام النوه افتح صدرى واتنفس وانظر يمينا ويسارا فلااحد سواى وهنا كنت اقول انا ملك العالم

    ردحذف
  10. للدرجة دي على فكرة انا بأعصاب أيضا بهذا الاكتئاب الشتوي، بس الجو ده له قدسية خاصة عندي

    ردحذف

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))