الاثنين، أكتوبر 12، 2009

العكاز

تفصلنى ساعات قليلة عن موعد الطبيبة

عارض جديد وزيارة جديدة للعيادة وشعور قاتم بشتاء قارص يعصف بوهن الجسد

حملت حقيبتى وأوراقى وأقلامى وتوجهت الى حيث يقع مكانى المفضل

مقعد صغير وطاولة ونافذة تطل على البحر

أتابع بعينى تراقص الامواج وأشرع لأرسم ظلالى على أوراقى المتناثرة

لا أسمع صخب ألوان البشر ولاأتابع صيد الصيادين ولا مراكب بيع السمك

فى كل صباح أحاول الاستيقاظ نشيطة ولكن يخذلنى فرط الاعياء

اليوم فتحت عيناى على الملابس المتناثرة هنا وهناك وفوضى تعم كل الاركان لادرك أننى تحولت فجأة الى أمرأة من الغجر

فأجتاحتنى جيوش من وحشة وحنين تتوغل فى أعماقى بلا هوادة

فأوصدت الباب خلفى وأتيت لاحتسى قهوتى الصباحية فى مكان لا يرانى فيه أحد ولا يعرفه أحد سواى

عرفتنى الطاولة وآناسنى المقعد حتى فنجان قهوتى فنجان خاص بى منذ متى ؟؟
كم أعوام مرت وأنا أذهب وأغدو فى صمت

لا أعرف أن تغيرت ملامحى رغم أن الطاولة تحمل أثار أصابعى وحروف كلماتى

لازلت أحب أغانى محمد منير ولازال لا يطربنى صوتا غير فيروز

لم تعد تثيرنى ولا تبهرنى قراءات المتصوفة ولا غلالات الفلسفة التى لا منطق لها سوى الدوائر المفرغة والتى لم يعد عقلى قادرا على أستيعابها

لا زال محمود درويش شاعرى المفضل رغم أنه ورى الثرى وأحن مثله لخبز أمى وقهوة أمى ولمسة أمى

ومازلت لا أهوى فاروق جويدة وأن كان يملاء الدنيا صخبا

لازلت افتح حقيبتى وأكتب لك خطابا وألقى به فى زجاجة فى عرض البحر

ولكنى لم أعد أفتح قلبك لافتش أن كنت لازلت أنا فيه وأن كان أسمى منقوشا فى جدرانه

لم أعد أنتظر أن تتوائم روحى معك وأن ترفرف أفكارى فى نسيج عقلك فتتشابك معها لتحيط به

لم أعد أنتظر أن تأتينى بهدية وفقدت مع الزمن حاسة النطق فما عدت أحادثك فلم يعد للحديث معنى

ومازلت أحضر هنا لعلك يوما تأتى فنذهب سويا لمشاهدة طيور النورس فأتشبث حينها بذراعك وأقوم أخيرا بحرق عكازى

قلمى


هناك 7 تعليقات:

  1. صورة لإمرأة عجوز هي الصورة التي رسمتها في بداية قراءتي ثم بعد قليل اكتشفت انها فتاة صغيرة ولكن شاب قلبها قبل الآوان بسبب عوامل ومتغيرات الزمن القليلة

    تحياتي لكِ بشدة

    ردحذف
  2. :) أحمد كل شخص يرى اللوحة من وجهة نظره :) وهذا أجمل شىءأن تقرأ وتتخيل ما تشاء

    ردحذف
  3. أعتقد هذا ما سببه لها

    الملل

    وتشابه الأيام

    وطول الانتظار

    تحيتى لخيال قلمك

    ردحذف
  4. والله الوحه دى جميله فعلا
    وانا كمان اتخيلتها فى بداية قراتى انها امراة عجوز
    بصراحه قلمك رائع
    لكى تحياتى
    مزيد من التواصل

    ردحذف
  5. انا اعتقد ان الصورة دى بتعبر عن راجل عجوز او حد كبر ف السن ماشي و جمبة نوع من كراكيب زى االدنيا الى مرت علية و لسة بتمر و بدء يدخل انة يرتاح ف جمب التاني اعتقد ان دة تحليلي انا و اكيد كل واحد بيشوف الحاجة من وجهه نظرة صح بس اسلوبك حلو تقبلي مروري

    ردحذف
  6. ياسلام عليكى
    حقيقى حسيتها جدا جدا
    حسيت وحدتها واحباطها كمان رغم تمسكها بالامل
    على فكرة الاحساس ده انثوى بحت مش هتلاقى حد يحسه ولا يفهمه زينا احنا بنات حواء
    احسنتى فى الوصف واختيار المفردات

    ردحذف
  7. تأثرت جدا بما كتبتي ونجحتي بإمتياز بوصف صورة دقيقة لاحاسيس نمر بها جميعا
    مع كامل احترامي لوجهة نظرك فانا احب فاروق جويدة .. عموما ليس هذا موضوعنا فالتدوينة حقا جميلة جدا رغم انها اصابتني ببعض الحزن لست ادري لماذا

    ردحذف

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))