الأحد، مايو 03، 2009

كانت هنا - قصة قصيرة

على الرف بمكتبته ديوان لمحمود درويش لم يكن قد سمع به حتى أهدته هذا الكتاب قائلة بمرح :
" من غيرى سيهديك كتابا يوم ميلادك"؟ أكيد مافيش غيرى –
لم يقرأ هذا الكتاب حتى افترقا أعجبته الاشعار كما أعجب بأختيارها
ولكنها لم تعد هنا ليخبرها
أعتاد الا يتذكرها وأسقط كل أيامها من زاوية عقله
لكن اليوم لا يعرف كيف يغزوه عالم كانت هى فيه معه
الان يفتقدها ولكن ----

الساعة السابعة يترك مكتبه متوجها لسيارته
لاح له فى المرأة طيفا قادما خيل له أنها هى
توقف لربماولكنها لم تعد تأتى ولن تأتى بعد اليوم
فقد أعد لها حقائبها وطلب منها الرحيل بعيدا
لااراديا جذب سى دى موسيقى ووضعه ليبتعد بأفكاره عنها فوجد نفسه ينصت لاغانيها المفضلة فقد صنعت هذا السى دى لاجله

تذكر هواياتها وتذكر يوم أن رأها أول مرة
يوم أن برق الوهج فى قلبه بدون مقدمات
لم تكن فاتنة ولا جميلة ولم تكن طيبة قلبها ما جذبه نحوها
ولكنه عقلها وذكائها – "أحلى ما فيكى دماغك" ويمر أمامه عالم كانت هى فيه معه
الان يفتقدها ولكن -----
توقف هناك على شاطىء النيل
لحظات صمت تسكنه رغم الصخب المحيط به
تتراقص أنوار القاهرة على صفحة النيل
وتتلاحق الزوارق مع أمواجه – صورة شاعرية – حالمة – مثلها
" دعنى فقط أحبك من خلف حدود ضيقة ولا ترحل عنى لا تجعل لى يوما بدون صباحك "
تذكر كم من مرات تخلى عنها متعمدا فى أزماتها
كم من مرات تناساها ولم يحضر لها يوما حتى زهرة
ولكنها أبدا ما كانت ترحل وتلتمس له الاف الاعذار وتدعوه "حبيبى"
كم كان يعشق تلك الكلمة حين تنطق بها ويشتاق لان يسمعها بصوتها ويشتاق لعالم كانت هى فيه معه
الان يفتقدها ولكن -----

يقترب بائع حمص الشام بضجيج أكوابه
يطلب منه كوبا ويتجه الى حيث لا يلمحه أحد فى منطقة من الوحشة
يتناول الحمص شاخصا فى تراقص الامواج أمامه بهدوء
لم يعد يحتمل حبها
ولم يكن له الحق يوما أن يحبها
ولم يعد يقوى على رومانسيتها العذبة فى زمن الغباء والمسوخ
فقد أتت اليه من خارج الزمن قبله أو بعده لا يدرى لكنها لم تخطو لزمنه وحدودها مبتورة
أصم أذناه عن رجائها بألا يرحل ورحل لا يعرف متى منذ أيام منذ شهر شهور وشهور وشهور وسقطت الايام فى بؤرة النسيان
أحداث كثيرة مرت به
ولا يعرف ما مر بها – لم يعد يعلم عنها شىء ولم يعد يعنيه أن يعرف
الرحيل الاخير كان ضربة قاضية لها أخل بروحها فلملمت حبها فى قلبها ورحلت ولم تنظر حتى الي عينيه
تلاشت مع الايام وكأنها لم تكن أبدا هنا
قال لها مودعا لن تموتى بعدى
فردت بل سأعيش ولكن هناك فارق بين عيشة وأن تعيش الحياة
الان يفتقدها ولكن -----


لم يعد من حقه الحنين لذلك العالم التى كانت فيه يوما معه
لايعرف لم تلح صورتها الان فى ذاكرة العقل ترى ما أخبارها ؟ هل هى مريضة؟ هل أصابها مكروه؟
كان يوما يشعر بها كما تشعر به ويفصلهما أميال
كان يعرف أنها تحادثه فى خيالها وتصله كلماتها والان أنقطع هذا الخيط
بحث عن أسمها جاليا فى هاتفه للان رغم مرور الزمن
يعلم أنها لن تهاتفه ولن يهاتفها ولكن لازالت الاسماء هناك

يرن هاتفه المحمول فجأة فتختفى الذكريات
ينصت لصوت الطرف الاخر " هاتلنا عيش وأنت جاى"
يجيب "حاضر" يغلق الهاتف
ينادى على بائع حمص الشام
يتجه الى سيارته التى تركها بعيدا
ويمر على المخبز فى طريق عودته ليلا لزوجته وأولاده

"قلمى"


هناك 4 تعليقات:

  1. ياه دا بيدور على الحبيبة فى زوجته

    ردحذف
  2. دا هو باهمال الحبيبة فيها تحولت الحياة لمجرد روتين يومى خالى من احاسيس الحب والان بعد مرور السنين يسال نفسه اين هى وهو من حولها لما هى عليه

    ردحذف
  3. يقال فى علم النفس انة في حاجة اسمها توارد فى الافكار ودة حقيقى ، يعنى اعتقد انة فى الوقت اللى كان بيفكر فيها ومفتقدها كانت هى كمان بتفكر فية ومفتقداة الا ان الزمن قد حال بينهما للاْسف الشديد

    ردحذف
  4. أحلى حاجة أن كل واحد يشوف القصة من وجهة نظر غير التانى المهم تكون عاجبتكوا

    ردحذف

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))