السبت، مايو 02، 2009

الوردة الزرقاء

موبيلها مغلق ولاتجيب على هاتف المنزل – بيننا موعد قبل سفرها الى سيناء – محاولات عديدة للاتصال ولامجيب لمحت تاريخ اليوم فعرفت على الفور أين هى وبأنها محقة فى نسيان موعدنا

فى خيالى الان أشاهد صور من معرفتى بها صورة وراء الصورة
>اريد التعرف على أماكن السياحة فى سيناء فتمنحنى أجابات شافية<

وتصادقنا هى شابة تشرف على الاربعين لم تتزوج هولندية لام مصرية وتعشق مصر وتعيش بمفردها بعد موت والدتها تجيد العربية والانجليزية بجانب لغتها وتعمل فى شركة سياحية خاصة بتنظيم رحلات لسيناء

كانت تنتظر فارس الاحلام التى تثق أنه سوف يأتى ولو بعد مائة عام ليحملها معه الى أبعد وأجمل الاماكن

وظهر الفارس لم يكن وسيما بل مطلق وله أبنتان مصرى من الاسكندرية يعيش فى أمريكا منذ أن كان شابا جاء الى مصر فى ذلك الحين لقضاء عطلة فى سيناء والبحث عن زوجة وأم جديدة لفتاتين فى سن المراهقة وألتقيا وعرض عليها الزواج فوافقت وبدأت تعد نفسها وأوراقها لوطن ثالت – تكساس بأمريكا –


وأنتقل هو فى تلك الاثناء الى بغداد فى عمل مؤقت أثناء الغزو الامريكى وبدأت بينهما مراسلات حب رقيقة كانا يترسلان يوميا بلا أنقطاع عبر التقنيات الحديثة التى حملت عبارات عشق صافية أو أخبار عادية أو أحوال ومشاكل يومية تقع أحداثها فى القاهرة\بغداد\تكساس بعد تعارفها على بناته –
ومع كل رسالة ومكالمة هاتف كانت تبتهج وتتلالاء سعادة وتحلم بيوم الزفاف وكان هو رغم تعديه الاربعين بفليل قادرا على اضفاء رومانسية لامثيل لها تملاء حياتها وتلامس شغاف قلبها وكانت تتخوف وتخبرنى سرا أن كل ما يحدث لهاوما تشعر به من حب يبدو كالخيال وتخشى أن تفقده وكان يعشق المفاجأت فحضر لها فى زيارة غير متوقعة فى أجازة قصيرة الى الاسكندرية قبل سفرهما الى أمريكا



ركبت معه القطار ورأت افراد من أسرته وشاهدت معه غروب البحر وأستمعت معه لغناء الامواج وهى تمسك بوردة زرقاء أشتراها لها حين ابدت أعجابها بالورود الزرقاء المعروضة فى محل الزهور القريب من الشاطىء

لم يتبقى سوى أسبوع على موعد المتفق عليه لسفرها الى أمريكا أرسل لها يوم ميلادها زجاجة عطر وقلادة ذهبية عليها أول حرف من اسمها وهو أول حرف من اسمه ايضا مع رسالة- لو يهيدينى القدر خمس دقائق فقط لاراكى الان ثم أموت – وكانت هذه أخر رسائله فقد تعرض لسكتة دماغية مفاجئة أودت بحياته ولم تمهلها المفاجأة الوقت الكافى لتذهب اليه ودفن بعيدا عنها ودفنت معه كل الاحلام والاشراقات والاحاديث الملونة –

وبقيت هى هنا تحمل وردة زرقاء تهديها لبحر الاسكندرية فى ستانلى يوم ذكرى وفاته – اليوم الذكرى الثالثة وهى الان أنتقلت لفرع الشركة فى سيناء تأمل أن تعيش بقية حياتها فى هدوء بعيدا عن زحام وفضول البشر ومع ذكريات ورسائل فارس الاحلام الذى لم يعد له وجود سوى فى قلبها وتعيش معها الوردة الزرقاء التى منحها أياها بين طيات كتابها
"قلمى"


هناك تعليق واحد:

  1. يا الله
    كلنا نتمنى ان نجد الحب ونعيش عمرنا على الامل وقد نجده او لا وحين نجده نتشبث به وقد يتشبث بنا ولا نعلم ما يخبئه لنا القدر
    غريبة هى الدنيا وجميل وفاء البشر

    ردحذف

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))