الخميس، أغسطس 16، 2012

العلاج بالدراما




«شهرزاد في بعبدا»، مسرحية مدتها ساعتان إلا ربعاً قام ببطولتها 15 امرأة بائسة في سجن بعبدا للنساء فى لبنان ضمن برنامج العلاج بالدراما قامت بإخراجها زينة دكاش المتخصصة فى هذا النوع والتى صورت من خلالها معاناة وحكايات نساء السجن اللواتى فجأن الحضور بأن بينهن أكثر من امرأة شابة وجميلة وحتى مثقفة. لكل سجينة حكاية لا تشبه في تفاصيلها حكاية الأخرى، لكن في الملمح العام هناك البيئة التي عشن فيها وفرضت عليهن نمطاً من التربية لا يستقيم بسهولة، لذا كان طبيعياً الوصول إلى هذه الخاتمة: «السجن»، يعني للآباء تحديداً مسؤولية أولى عما تؤول إليه حال الأبناء في ما بعد من توازن أو خلل، وطالما نحن في سجن فإن الخلل هو العنوان، ولم ترو قصة واحدة إلا وفيها غصات كثيرة من المحطات المؤلمة التي أودت بهن إلى هذه الهاوية السحيقة.




وزينة دكاش هى رئيسة المركز اللبناني للعلاج بالدراما والعلاج بالدراما هو الاستخدام المُتعمِّد لأساليب الدراما و/أو المسرح لتحقيق أهداف علاجية. يجمع هذا النوع من العلاج بين الأهداف والتقنيات التي تقوم عليها الدراما/المسرح من جهة، والعلاج النفسي من جهة أخرى، ممّا يعطي المستفيد من العلاج دوراً فاعلاً خلال علاجه في جوّ سليم وآمن.

يتميّز العلاج بالدراما بالأنشطة والتمارين التجريبية والعملية التي تُمكِّن الفرد أو المجموعة المشاركة فيها من البوح بقصصهم الشخصية وتحديد أهدافهم وحلّ مشاكلهم والتعبير عن مشاعرهم وتطهيرها ومن خلال العلاج بالدراما يُمكن تغيير السلوك وبناء المهارات وتحقيق التكامل العاطفي- الجسدي والنمو الشخصي.

وفى حديث لجريدة «الشرق الأوسط» تقول زينة دكاش عن هذه التجربة: «أردت من ناحية أن أعرف من هم خارج هذه الجدران الظروف الحياتية التي دفعت بتلك النساء إلى ارتكاب أخطاء فادحة في حيواتهن وأن تتصالح هذه النساء مع ذواتهن من ناحية أخرى، ووجدت أن العمل الفني سيكون خير نتيجة لعلاج الدراما، حيث من شأنه أن يخفف من المشكلات النفسية اللاتي يعانين منها وللتخفيف من حدتها».



والمسرحية مكتوبة من قصصهن الواقعية وقد وجدت زينة صعوبة في إعادة إحياء شعورهن وشخصياتهن، بوصفهن نساء، للتعبير عما في دواخلهن فالنساء فقدن أنوثتهن، ونسين أنهن نساء، الانضباط كان أول ما ينقصهن، وكذلك الخروج من الفراغ والتحدث بصوت منخفض بدل الصراخ، وتعزيز الثقة واحترام بعضهن البعض بدل التجريح وتقاذف الاتهامات في ما بينهن. وتشارك في المسرحية 23 سجينة وتتولى 14 التمثيل، فيما أسندت دكاش إلى الأخريات مهمات عدة، من بينها الأزياء، والماكياج، والإضاءة، والسينوغرافيا. وتتراوح أعمار السجينات الممثلات ما بين 19 عاماً وخمسين عاماً.

تتألف المسرحية من 7 لوحات تبدأ بلوحة جماعية تتوجه فيها السجينات للجمهور فيقرأن عليه النظام الذي يفرضه السجن على نزلائه، الذي سيكون الجمهور واحدا منهم أثناء العرض: ممنوع إدخال الجهاز الخلوي.. ممنوع ارتداء الكعب العالي.. ممنوع استعمال العطور والمكياج.. وإلى ما هنالك من ممنوعات تفقد المرأة أنوثتها وكيانها. بعدها يتجمعن حول نافذة تتوسط القاعة، وهي الوحيدة المطلة على العالم الخارجي في السجن (لذلك تسمى قاعة النزهة)، وتبدأ كل منهن في التعبير عن شعورها تجاهها: «لا أحب النظر إليك»، أو «بكرهك يا هالشباك»، أو «قولكن ولادي مروا اليوم من أمامك»، أو «يا ليتني كومة نفايات خارجك».. وغيرها من العبارات التي تشير إلى توق السجينات للقاء الحرية وتمتزج المسرحية ما بين مشاهد مونولوغ، وأخرى جماعية وبينها واحدة تحمل رقصة «فلامينغو» تعبيرية مؤثرة تروي المراحل التي أدت إلى دخولهن السجن مع الإشارة إلى العنف والإساءة والمعاناة التي رافقتهن فيها.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» مع السجينات عبرت فيه كل منهن عن رأيها بهذه التجربة قالت فاطمة: «إنها مساحة الحرية الوحيدة المتاحة لنا هنا»، بينما قالت نسرين: «يا ليتني أستطيع القيام بها خارج السجن»، أما مريم فوصفتها قائلة: «أنزلت حملا ثقيلا عني كنت أعيش تحت وزره»، وهنا قاطعتها أورسولا قائلة: «زودتني بالقوة وصرت لا أخاف من التحدث عن مشكلتي دون بكاء».

وقد تم عرض المسرحية لمدة 12 يوما من يوم 18 أبريل 2012 على مسرح قاعة النزهة في السجن وتم تخصيص يوم عرض لأهالي السجينات وذويهن بينما وزعت دعوات العروض الأخرى على المسؤولين في قوى الأمن والهيئات السياسية والدبلوماسية والإعلامية في لبنان. وتم عرضها أيضا خارج السجن بحضور الممثلات اللواتي خرجن من السجن.

ولا تستبعد زينة أن تعيد تلك التجربة ما دام أن هذا النوع من العلاج يسهم في التخفيف من معاناة السجناء بشكل عام وهو من أهم التقنيات المستخدمة في الولايات المتحدة وأوروبا لإعادة تأهيل المساجين ويعطيهم الأمل في العيش كالآخرين الموجودين خارج السجون الذي من بينهم من يقوم بأعمال أفظع من التي ارتكبها هؤلاء وعلى الرغم من ذلك ما زالوا يتمتعون بالحرية.

والعمل من تمويل "مؤسسة دروسوس" وهى مؤسسة خيرية فى سويسرا وبالتنسيق مع وزارتي الداخلية والعدل، وقد بدأ الإعداد له في منتصف العام 2011.

يذكر ان زينة دكاش قدّمت مسرحية "12 لبناني غاضب" في العام 2009، وهي أول مسرحية تعدّ وتعرض داخل سجن في لبنان، وأدى أدوار البطولة فيها عدد من نزلاء سجن رومية، أكبر سجون لبنان. وتم تمويله من قبل الاتحاد الأوروبي.

ويعد " كاثارسيس"، أول مركز للعلاج بالدراما في لبنان والمنطقة العربية. هو مؤسسة مدنية لا تتوخى الربح تأسست في الـ2007 للمعالجة بالدراما المُسجلة لدى الجمعية الوطنية للعلاج بالدراما في الولايات المتحدة NADT.

يعمل مركز كثارسيس على تعزيز العلاج بالدراما وتوفيره للأفراد والمجموعات من خلال استخدام أساليب المسرح والفنون. يُقدّم كثارسيس خدماته وبرامجه في الأطر الاجتماعية والتعليميّة والعلاجية المختلفة كمراكز إعادة التأهيل للإدمان على المخدرات، ومراكز العناية بالصحة العقلية والنفسية والمستشفيات والسجون والعيادات الخاصة للأطفال والراشدين والمدارس والمسارح والشركات.

في سياق العمل مع الشركات، يُقدّم كثارسيس مجموعة متنوّعة من البرامج ومنها بناء فريق العمل، ومعالجة الإجهاد، وتعزيز التواصل. على صعيد آخر، يعمل مركز كثارسيس مع الأفراد الراغبين بتخطي مشاكل خاصة وتحسين نوعية حياتهم.

فرسالته هى تعزيز النمو والرفاء لدى الأفراد والمجموعات، بدمج الدراما والفنون التعبيرية مع العلاج بطريقة فعّالة، لقناعة القائمين عليه بأن الفنون تسمح ببناء الجسور بين الثقافات وفئات المجتمع المختلفة . وبأن استخدام الدراما لأهداف علاجية يَمنح الفرد دوراً فاعلاً خلال علاجه في جوّ سليم وآمن يقبله ولا يحكم عليه ويسمح له بالتعبير عن نفسه.
ويعمل مركز كثارسيس على بناء القدرات المحترفة في مجال العلاج بالدراما، ويُقدِّم التدريب والتوجيه للراغبين بالعمل في هذا المجال في لبنان والمنطقة العربية.

أما برامجه فيمكن تعداد بعضها:
• العلاج بالدراما للمجموعات المهمّشة: يعمل مركز كثارسيس بشكل مُستقل أو بالتعاون مع مُنظمات أهلية أخرى مع المجموعات المهمّشة والمحرومة والجماعات التي تعاني من الأزمات، كالناجين من الصدمات والمدمنين على المخدرات والمساجين والأفراد الذين يعانون من أمراض عقلية و نفسية واللاجئين والناجين من أعمال العنف و الاعتداءات والمسنّين والشباب المعرّضين للخطر.. إلخ.

• العلاج بالدراما للأفراد والمجموعات: الراغبين في البحث في مراحل انتقالية في حياتهم وكيفية التأقلم مع التغيُّرات وغيرها من التحديات التي تعترض نمو شخصيتهم، بُغية تحسين نوعية حياتهم.

• التدريب المُحترِف على العلاج بالدراما للأفراد الراغبين في مُمارسة مهنة العلاج بالدراما. يُقدّم مركز كثارسيس عدداً من الدورات والورشات التدريبية، بالإضافة إلى خدمات التوجيه والإشراف التي تؤهّل المعالجين بالدراما للتسجل رسمياً.

• ورشات علاج بالدراما للشركات التي ترغب بزيادة إنتاجية موظفيها ومساعدتهم على التخفيف من إجهادهم وتطوير مهاراتهم في مجال العلاقات الشخصية والتواصل وإشراكِهم في أنشطة تُعزّز العمل ضمن مجموعة لتحسين بيئة العمل.

كيف يحقق المركز رسالته؟ وما البرامج التي يقدمها؟

لتحقيق رسالته، يعمل مركز كثارسيس على بناء القدرات المحترفة في مجال العلاج بالدراما، ويُقدِّم التدريب والتوجيه للراغبين بالعمل في هذا المجال في لبنان والمنطقة العربية.

أما برامجه فيمكن تعداد بعضها:

• العلاج بالدراما للمجموعات المهمّشة: يعمل مركز كثارسيس بشكل مُستقل أو بالتعاون مع مُنظمات أهلية أخرى مع المجموعات المهمّشة والمحرومة والجماعات التي تعاني من الأزمات، كالناجين من الصدمات والمدمنين على المخدرات والمساجين والأفراد الذين يعانون من أمراض عقلية و نفسية واللاجئين والناجين من أعمال العنف و الاعتداءات والمسنّين والشباب المعرّضين للخطر.. إلخ.

• العلاج بالدراما للأفراد والمجموعات: الراغبين في البحث في مراحل انتقالية في حياتهم وكيفية التأقلم مع التغيُّرات وغيرها من التحديات التي تعترض نمو شخصيتهم، بُغية تحسين نوعية حياتهم.

• التدريب المُحترِف على العلاج بالدراما للأفراد الراغبين في مُمارسة مهنة العلاج بالدراما. يُقدّم مركز كثارسيس عدداً من الدورات والورشات التدريبية، بالإضافة إلى خدمات التوجيه والإشراف التي تؤهّل المعالجين بالدراما للتسجل رسمياً.

• ورشات علاج بالدراما للشركات التي ترغب بزيادة إنتاجية موظفيها ومساعدتهم على التخفيف من إجهادهم وتطوير مهاراتهم في مجال العلاقات الشخصية والتواصل وإشراكِهم في أنشطة تُعزّز العمل ضمن مجموعة لتحسين بيئة العمل.

ما أبرز إنجازات "كثارسيس"؟

• القيام بورشات علاج بالدراما/ مسرح منذ العام 2007 ، للشباب المعرّضين للخطر والنساء اللواتي يُعانين من العُنف الأسري، والمَرضى القابعين بمستشفيات الأمراض العقلية والنفسية والسجناء واللاجئين والأفراد الراغبين بخوض العلاج الفردي والمُدمنين على المخدرات في مراكز التأهيل.

• إطلاق العلاج بالدراما كبرنامج تأهيلي رائد داخل السجون اللبنانية منذ العام 2008.

• إنتاج المسرحيات والأفلام الوثائقية للمُناصرة والتوعية بمشاركة المجموعات المستهدفة.

• "أني"، فيلم يُسلِّط الضوء على مجموعة نساء من جنوب لبنان و تجربتهن المعبّرة في العلاج بالدراما بعد حرب تموز2006 .

• “12 لبناني غاضب - المسرحية"، قدمّتها مجموعة من سُجناء سجن رومية عام 2009. كانت

المسرحية بمثابة حملة توعية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، وساهمت في تنفيذ قانون "تنفيذ العقوبات" الذي ينصّ على خفض العقوبة للمحكوم عليه.

• “12 لبناني غاضب - الوثائقي"، الحائز على 8 جوائز عالمية. تمّ عرضه على جماهير واسعة في حوالي30 مؤسسة محلية و50 مهرجان سينمائي دولي.

"منقول بتصرف من عدة مصادر"

هناك 3 تعليقات:

  1. السيكود راما نوع من العلاج لا يمكن الاستغناء عنه بالطبع ويستخد اكثر فى العلاج الجمعى وهو المجال الذى يربط العلاج النفسى بالتنميه البشريه
    جهد مشكور يا منى
    تحياتى :)

    ردحذف
  2. أزيك يا أستاذة منى

    المقال شيق جدا جدا

    حقيقى يمكن أنا بشوف لبنان حلمى انى لو سافرت فى يوم بره مصر انى ازور لبنان

    الفكرة رائعة و مينفذهاش غير لبنان الصراحة

    شكرا للمقال الرائع و المفيد نفسيا ده (:

    ردحذف
  3. كل سنة و حضرتك طيبة يا أستاذة منى


    و عيد سعيد عليكى و على الأسرة (:

    ردحذف

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))