لم أسمع عن هذه السيدة الا يوم أن قرأت خبر وفاتها فى جريدة وحين بحثت وعرفت ندمت كثيراً على عدم معرفتى بسيرة تلك المرأة والتى نستشفٌ من سيرتها أن الخالدون ليسوا ذكوراً فقط ، لابل أن عالمنا البغيض الذي نعيش فيه الآن هو نتاج تسلط الأغبياء والدمويون من ذكوره.
"وانغاري ماثاي" سيدة مميزة بكل المقاييس فهى مواطنة كينية عملت أكثر من 30 عام من أجل دعم التنمية الثقافية والإجتماعية والإقتصادية والبيئية في كينيا وبلدان أخرى في أفريقيا، إدراكاً منها لأهمية البيئة في تحقيق السلام وإستئصال الفقر. فقد إستطاعت من خلال "حركة الحزام الأخضر" التي أسستها عام 1997 أن تعبئ النساء في كافة أنحاء أفريقيا وتشجعهن على غرس الأشجار فهي منظمة بيئية شعبية ساعدت النساء وأسرهن في زراعة ما يزيد عن 40 مليون شجرة في انحاء كينيا ، وذلك بغرض حماية البيئة وتوفير فرص عمل للنساء وتحسين صورتهن في المجتمع. وقد أخذت هذه المنظمة على عاتقها غرس الاشجار لمنع تدهور الظروف البيئية والاجتماعية في الريف الكيني، وتأثيرات ذلك على الفقراء والنساء على وجه الخصوص، وكان شعارها ( الحكومة تقطع ونساء كينيا تزرع) ، في برنامجٍ وفًر فرص عمل وتربية وطنية لامثيل له في عموم افريقيا والعالم .
واتسعت الحملة التي قادتها في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي لتشمل المطالبة بالاصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مما جعلها تصطدم بحكومة الرئيس الاسبق دانيال آراب موي.
والسيدة ماثاي هي أول إمرأة من أفريقيا يتم تكريمها بجائزة نوبل للسلام وقد منحت لها عام 2004 وهي تحمل شهادة الدكتوراه وأول إمرأة أستاذة في كينيا وكانت تشغل قبل وفاتها منصب نائب وزير البيئة في كينيا وسفيرة حرة لغابات حوض الكونغو.
وقد حصلت وانغاري ماثاي على جائزة نوبل للسلام، اعترافاً بالحاجة إلى توزيع عادل ومستدام للموارد من أجل إحلال السلام و لدورها فى حماية حقوق الإنسان والدفاع عن قضايا المرأة وترسيخ مبدأ الشفافية في الحكم، وإسهاماتها في مجال حماية البيئة.
وقد توفيت ماثاي التي تعد واحدة من أبرز دعاة السلام وحماية البيئة في القارة الأفريقية، يوم 25 سبتمبر 2011عن عمر يناهز 71 عاماً.
خاضت وانغاري، والتي عينها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، "رسولة للسلام" مع التركيز على قضايا البيئة وتغير المناخ، معارك طويلة من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى قيامها بدور كبير في توفير مساعدات للفئات الأكثر فقراً في أفريقيا.
وأصبحت وانغاري ماثاي، التي ولدت في الأول من أبريل/ نيسان عام 1940، في منطقة "نيري" بكينيا، وهي ابنة لمزارعين في مرتفعات جبل كينيا، أول امرأة في شرق أفريقيا ووسطها، تحصل على درجة الدكتوراة، بحسب ما أورد موقع الأمم المتحدة.
وقادت الراحلة حملة من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحفاظ على البيئة، كما اضطلعت بدور رئيسي في الحملة لإلغاء ديون أفريقيا وحماية الغابات العامة.
وكانت وانغاري ماثاي قد قررت النضال من أجل حماية البيئة بعد أن رأت في طفولتها في الريف الكيني كيف كانت تدمر المساحات الخضراء لتحل محلها منشآت تجارية تقضي على التنوع البيئي وقدرة الغابات على تخزين الماء. وطيلة عقود ناضلت ماثاي ضد الاعتداء على البيئة الذي استهدف غابات كينيا الواسعة والمساحات الخضراء في عاصمتها نيروبي.
وفي كتاب سيرة ذاتية صدر العام 2006 روت كيف انه تحت تأثير التغير المناخي خصوصا، تدهور الوضع البيئي في منطقتها ماونت كينيا.
ولم يقتصر نشاطها البيئي على كينيا، بل امتد إلى مناطق أخرى في أفريقيا حيث شاركت في الجهود الرامية لإنقاذ غابات حوض الكونغو ثاني أكبر غابة استوائية في العالم.
ما لم تقتصر جهود ماثاي على البيئة بل امتدت أيضا إلى حماية حقوق الإنسان والحرية، وكانت تعتبر ذلك صِنو نشاطها في الدفاع عن البيئة.
ولم تنشط "منظمة الحزام الأخضر" بداية في قضايا السلام والديمقراطية، لكنها انخرطت فيها لاحقا، لأن ماثاي اكتشفت -كما قالت في خطاب ألقته بمناسبة الفوز بنوبل- أن حُكمًا رشيدا يحافظ على البيئة غير ممكن دون ديمقراطية، وهكذا "تحولت الشجرة إلى رمز للنضال الديمقراطي في كينيا".
وكانت ماثاي قد اعتُقلت مرَّات عدَّة في عهد الرئيس الكيني السابق دانيال أراب موي، وتعرَّضت إلى حملة تشهير وتشويه سمعة.
وفي عام 2008، شاركت في مظاهرة احتجاجية ضد خطة الرئيس الكيني القاضية بزيادة عدد الوزراء في حكومته.
وشارك في وداع ماثاي عدد من كبار القادة الكينيين في مقدمتهم الرئيس مواي كيباكي الذي قال عن ماثاي " إلى جانب كونها امرأة على قدر عظيم من الشجاعة والصلابة فقد ضربت الراحلة ماثاي مثالا على فضيلة الخدمة المتفانية للوطن".
وقد تم حرق جثمان ماثاي في محرقة خاصة بعد انتهاء مراسم الجنازة الرسمية التي تمت في ركن الحرية في المتنزه الذي شهد ضربها على أيدي رجال الأمن في التسعينات إثر قيامها بالضغط على الحكومة من أجل الافراج عن معتقلين سياسيين.
وفي خطاب قبولها للجائزة، قالت ماثاي إنها كانت تأمل بأن يكون نجاحها محفِّزا للنساء الأخريات للانخراط ولعب دور أكثر نشاطا في المجتمع.
وأضافت: "آمل أن يشجِّعهن ذلك على رفع أصواتهن واحتلال مساحات أكبر في القيادة".
وفى بيان مؤسسة الحزام الأخضر أثر وفاتها "إن رحيل البروفيسورة ماثاي خسارة كبيرة لكل أولئك الذين عرفوها، كأمٍّ وكقريبة وكزميلة عمل وكقدوة وكبطلة، وكذلك الأمر بالنسبة لأولئك الذين أُعجبوا بتصميمها بجعل العالم مكانا أكثر صحة وسلاما".
وقد عُرفت في أوساط المنخرطين في مجالي التنمية وحقوق الإنسان ليس فقط لبلاغتها الملهمة فحسب، وإنما لدفئها الإنساني أيضا. وكانت السيدة ماثاي سفيرة النوايا الحسنة إلى حوض غابات الكونغو، كما كانت عضو مؤسس لمبادرة نوبل النسائية.
تزوجت ماثاي من رجل سياسي أنجبت منه ثلاثة أولاد ولكنه طلقها لأنها في نظره «مثقفة جدّاً وقوية جدّاً وبارعة جدّاً وعنيدة جدّاً ومن الصعب جدّاً السيطرة عليها»
لن ينسى التاريخ ماثاي ، التى قرأت تاريخ كينيا جيداً ، منذُ الأحتلال البريطاني في القرن الثامن عشر حتى تسلط حزب كيفياتا الذي سن دستوراً يوفر تغطيةً تشريعية لحزبه الأوحد، وكان خليفته الديكتاتور ( دانيال أرب موي ) هو خصمها، بعد تبنيها منهجاً ينصف النساء حين تخلت عن رئاستها للصليب الأحمر الكيني وأسست في العام 1977 ( جمعية الحزام الأخضر) لزراعة ملايين الأشجار، رداً على الحكومة الغارقة في الفساد وتوفيراً لفرص العمل للنساء وحمايةً لبيئة كينيا التي جارت في تدميرها الشركات الأجنبية.
ماثاي ( أُم الشَجَر )، غفت أِغفائتها الأخيرة في أحضانِ كينيا ، بعد أربعين عاماً من العمل المثابر الذي ( زرعت ) خلاله أربعين مليون شجرة بعدد نفوس شعب كينيا الآن.
تم الأستعانة بعدة مصادر لكتابة المقال.
أحب فقط أن أنوه أن الغرض من نشر هذه السلسلة هو التعريف بنساء نوبل وليس الغرض منها بعد القراءة الحكم على شخصية أى واحدة من النساء أو على مدى أستحقاقهن للجائزة بسبب الجنسية أو الديانة أو الخلافات السياسية أو للسخرية والأستخفاف بأى واحدة فأرجو مراعاة ذلك فى التعليقات. وسيتم رفع التعليقات لعدم مراعاة البعض للياقة.
أحب فقط أن أنوه أن الغرض من نشر هذه السلسلة هو التعريف بنساء نوبل وليس الغرض منها بعد القراءة الحكم على شخصية أى واحدة من النساء أو على مدى أستحقاقهن للجائزة بسبب الجنسية أو الديانة أو الخلافات السياسية أو للسخرية والأستخفاف بأى واحدة فأرجو مراعاة ذلك فى التعليقات. وسيتم رفع التعليقات لعدم مراعاة البعض للياقة.