الثلاثاء، أغسطس 30، 2011

نساء "نوبل" - الآداب 1

الأديبة السويدية "سلمى لاجرلوف" رائدة روايات الأدب الكلاسيكي العالمي في القرن الماضي والتي اصبحت معروفة للعالم بعد حصولها علي جائزة نوبل في الأدب في عام 1909 وهى أول سيدة تفوز بجائزة نوبل في الأدب.






وقد ولدت الكاتبة في اقليم مارياكا الجبلي في قرية تابعة لمقاطعة فارملاند بشمال السويد البارد سنة 1858وهي صاحبة أروع رواية كتبت للأطفال في عام 1906 تحت اسم "مغامرات نيلس هالجرسون عبر السويد".

هذه الرواية حققت لها الشهرة المطلوبة وخلدتها في بلدها السويد وذاع صيتها في كل انحاء الدنيا، فالرواية تحمل معاني عميقة الدلالة للأطفال الصغار فهي بمثابة موسعة لتعليم اطفال المدارس دروس في الأخلاق ومبادئ العلوم والجغرافيا وهي تخاطب عقل الصغار بشكل تربوي وتشجعهم علي الإلتزام وعمل الصالح.



بطل تلك الرواية هو الطفل نيلس هو عنيد وشقي في الرابعة عشرة من عمره يتفنن في إزعاج الآخرين ولا يتورع عن ازعاج والديه والحيوانات العديدة التي تعيش في المزرعة الخاصة بهم. نتيجة لهذا العناد والإساءة التي يسببها نيلس للحيوانات يتحول الي قزم كنوع من العقاب له وحتي يرتدع ويتعلم احترام الآخرين، وفي وضعه الجديد هذا يحس بالضعف ومن ثم راح يستجدي حيوانات المزرعة بالصفح عنه، غير ان الحيوانات رفضت ذلك الا بعد ان يقوم بجولة عبر السويد علي ظهر اوزة قبل ان يصبح فرد عادي مرة أخري، وعندئذ حملته الأوزة علي ظهرها وانضمت الي مجموعة من الأوز البري التي كانت تستعد للهجرة، وراحت مجموعة الأوز تطوف به من قرية الي أخرى وهناك بدأ يكتشف مظاهر الطبيعة والعادات الإنسانية والحيوانية، وبعد ان زاد افقه اتساعاً واكتسب خبرة كبيرة قرر بعد عودته أن يعامل الجميع معاملة حسنة، وقد أحسنت لاجرلوف في تلك الرواية توظيف خبرتها المدرسية في معاملة التلاميذ الصغار اذ انها عملت لمدة 10 سنوات كمدرسة قبل استقالتها وتفرغها للأدب. وكتبت هذه الرواية في ظروف صعبة كانت السويد تعيشها مما جعل السويديين يهاجرون بالالاف الى اميريكا. فكانت الرواية من اجل اكتشاف السويد مرة اخرى جغرافيا لكي يتعلق الاطفال في بلدهم ويحبونه كأنهم شاهدو كل تضاريسه الجغرافية.

وقد تبلورت فكرة الرواية بعد وصول رسالة تكليف للمؤلفة من الاتحاد الوطني للمدرسين في السويد بتأليف كتاب تربوي للأطفال يثير اهتماماتهم بجغرافية بلادهم. أحبت سلمى الفكرة وتحمست لها، وأمضت ثلاث سنوات في القراءة والترحال لكي يولد كتابها حاويا معظم الحكايات الشعبية التي استمتعت بسماعها صغيرة وليثير اهتماما بجغرافية بلدها الجميل ومتضمنا لتاريخه العريق، مرورا بالعادات والتقاليد والفنون الشعبية حتى يولد شاملا.

هذه القصة التي لو بدأ طفل في قراءتها فلن يتركها إلا بعد أن ينتهي منها.. سيستمتع بها لدرجة تفوق الوصف، رغم أنها في الأصل مدرسية، وكانت مكتوبة لأطفال مدارس السويد، ليقرؤوها ويؤدوا الامتحان فيها، إلا أنهم رغم ذلك أحبوها لدرجة مذهلة، ولا يوجد طفل في السويد، إلا وقرأها مرتين وثلاثا في إجازته الصيفية، ولا يوجد طفل هناك إلا ورسم مناظرها من خياله بعد أن قرأها. والرواية تحولت إلى فيلم محبب للكبار والصغار ثم مثلت كمسلسل كارتوني نال شهرة واسعة.



وتعتبر روايتها الأولى " جوستا برلينج" التي كتبتها في عام 1891 هي أيضاً واحدة من أروع ما كتبت وجعلت منها أديبة ذائعة الصيت خاصة بعد ان حولها المخرج موريتز سيتللر الي فيلم في عام 1925م، وكان أول فيلم تمثل فيه جريتا جاربو. وكانت تلجأ دائما إلى تقسيم أعمالها إلى حلقات مختصرة تكفى كل منها لتعرض فى سهرة واحدة، وكانت تطعم رواياتها دائما بشخصيات خيالية وعناصر سحرية كما حدث فى روايتها "سائق عربة الموت" 1912 ذات الطابع الأجتماعى و"أورشيليم" (1901-1902) التى أستوحت فكرتها بعد رحلة قامت بها إلى مصر وفلسطين.

كان النقاد لا يختلفون حول عالمية "سلمى" ويتندرون بأعمالها التى يسهل ترجمتها إلى 40 لغة مختلفة رغم إغراقها فى المحلية. وقد نهجت سلمي لاجرلوف بشكل عام في كتاباتها الطابع الملحمي دارت أغلب احداثها في مقاطعة فارملاند (على الحدود السويدية-النرويجية) وكانت تؤمن بأن النساء فى هذه القرية يجدن فن السرد الشفهى ويستطعن تخليده.

وتميزت "سلمى" بقدرتها المتميزة على المزج بين السلاسة والتحميص، وبين الحقيقة والخيال، تمتاز رواياتها بدقة التصوير وصدق التعبير عن بيئتها وطبقتها الفقيرة الكادحة، وكانت رغم أنها قضت حياتها وحيدة بلا زوج – لفقر اسرتها المدقع بالأضافة إلى اعاقة فى فخدها طالما عانت منها – كانت تحرص بأستمرار فى رواياتها على التأكيد أن حب المرأة يصنع المعجزات، وهو قادر على إنقاذ الرجل، وعلى مر التاريخ، ظل النقاد يتساءلون: مالذى يدفع سلمى دائما فى أعمالها، لرسم الملامح النفسية لرجال يفشلون فى التكيف مع الحياة، ولا يعود إليهم السواء الأجتماعى المفقود الا بعد الوقوع فى غرام امرأة؟ وهل يرجع السبب إلى نشأتها بين أب طاغ مدمن كحول وأم تضطلع بدوره للحفاظ على كيان الأسرة؟


كتبت عن تجربتها في الكتابة :

"عندما أكتب أعيش في وحدة كبيرة، وعلي أن أختار بين عيشتي وحدي وأنا أكتب، وبين أن أعيش مع الآخرين ولا أقدر على كتابة كلمة واحدة" وبعد أن تنتهي من الكتابة تقول : يخيل إلي أن شخصا آخر هو الذي كتب لي

ومن أعمالها أيضا "الروابط الغير مرئية" 1894، "عجائب المسيح الدجال" 1897، "ملك البرتغال" و"البيت العتيق". اخر اعمالها الملحمة الثلاثية - حلقة لوينسكولد - شارلوت لوينسكولد - آنا سفارد 1925-1928 والتى خطته وهى تبلغ من العمر سبعون عاما.

وقد منحت جائز نوبل في الأدب تقديراً لإبداعها في تصوير مشاعر النفس البشرية والخيال النابض بالحيوية والمثالية النبيلة التي تميز أعمالها. كما تم اختيارها عضوا بذات الأكاديمية التي منحتها الجائزة في عام 1914 كأول أمرأة تنتخب عضوة بها. وفى عام 1928، حصلت على الدكتوراة الفخرية في الآداب من جامعة جريفس فالد الألمانية.

سنة 1940 انهى الموت اسطورة امراة شبه مشلولة ، تسنمت ذرى المجد بصبر وجهد ومثابرة وجد، حتى بلغت اعلاها، عن اثنين وثمانين عاما من البذل والتفاعل والعطاء.

وقد كرمتها السويد بإطلاق اسمها علي فندقين كبيرين فيها، كما أن منزلها الذي عاشت به "مورباكا" تحول إلى متحف يضم مقتناياتها. واعتباراً من عام 1992، قررت الحكومة السويدية وضع صورتها على العملة الرسمية فئة 20 كرونا.


 الرابط التالى لقراءة بعض أعمالها المترجمة للأنجليزية أون لاين

http://www.readbookonline.net/books/Lagerlof/259/

لقائمة أعمالها :

http://en.wikipedia.org/wiki/Selma_Lagerl%C3%B6f




تم الأستعانة بعدة مصادر لكتابة المقال & تابعونى لمعرفة المزيد عن نساء "نوبل"

هناك 3 تعليقات:

  1. بجد أنا مستمتع جدا بالموضوع لإنى زيرو فيه وكتابتك شيقة جدا .. ما شاء الله ..

    شكرا جزيلا مدام / منى على هذا الإثراء الثقافى الرائع ..

    كل سنة وحضرتك طيبة .. وعيد سعيد عليكى وعلى الأسرة الكريمة ..

    تحياتى

    ردحذف
  2. كل سنة وانت طيبة ويارب يرزقنا بواحدة نوبلية

    ردحذف
  3. نيلز دة اعتقد و انا صغيرة كان عندي منه مغامرتين مصورتين .. على ما اذكر كان عندي 7 سنين تقريبا :)
    انا للأسف لم أعرف سلمى ..
    و أشكرك على تعريفي بها .. :)
    و هحاول أٌقرالها..
    شكرا لكِ .
    عيدك سعيد

    ردحذف

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))